في السابع والعشرين ديسمبر و في مثل هذا اليوم من العام 1978 كان الرحيل المبكر للقائد العربي الكبير الرئيس الجزائري هواري بومدين باسمه الثوري أو » محمد بوخروبة » اسمه الحقيقي الذي لا يعرفه إلا القلائل
لم يكن بومدين شخصا عاديا , أو قائدا عابرا في تاريخ الجزائر , أو رئيسا كباقي الرؤساء , بل كان زعيما بمعنى الكلمة, فقد تمتع الراحل الكبير بـ « كاريزما » القائد والزعيم , وكان صارما في قيادته العسكرية وفي إدارته
السياسية , تسلم أول وزارة للدفاع بعد الاستقلال , وكان عليه بناء جيش قويومنظم يخلف جيش التحرير الذي شارك في بنائه , فكان الجيش الوطني الجزائري سليل جيش التحرير مثالا للانضباط والالتزام , من أجل تثبيت مهمة الأمن في بلاد خرجت لتوها من براثن الاستعمار , وعندما رأى أن القيادة السياسية التي تسلمت الحكم من الإدارة الفرنسية , غير قادرة على تسيير البلاد بسبب الصراعات بين أجنحة الحكم ومراكز القوى , كان القرار الأصعب ولأصوب لإنقاذ
البلاد قبل وقوع الفتنه , فكان تحركه لاستلام الحكم بالحركة التصحيحية في التاسع عشر من يونيو عام 1965 , وتشكيل مجلس قيادة الثورة الذي باشر تحت قيادة الهواري في تسيير البلاد , ونقلها من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة
, حيث اختار الاشتراكية منهجا اقتصاديا واجتماعيا لإنصاف أبناء الجزائر الفقراء , الذين حرموا من خيرات بلادهم , فكانت الثورة الزراعية والثورة الصناعية والثورة الثقافية , واستطاع في فترة حكمه القصيرة بناء ألف قرية
زراعية لصغار الفلاحين , وأنشأ أضخم المصانع , واتجه لخطة التعريب من أجل نزع ثقافة المستعمر , فكانت المدرسة العربية التي ساهم الأشقاء العرب من مصر وسوريا وفلسطين والعراق , في تربية وتعليم النشء الجزائري لغته العربية , ودينه الإسلامي , لأن بومدين كان يؤمن بمقولة شيخ النهضة الجزائري الشيخ عبد الحميد بن باديس » شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب « وفاته : أصيب هواري بومدين صاحب شعار » بناء دولة لا تزول بزوال الرجال » بمرض استعصى علاجه وقلّ شبيهه ، وفي بداية الأمر ظن الأطباء أنّه مصاب
بسرطان المثانة ، غير أن التحاليل الطبية فندّت هذا الادعّاء وذهب طبيب سويدي إلى القول أن هواري بومدين أصيب بمرض » والدن ستروم » وكان هذا الطبيب هو نفسه مكتشف المرض وجاء إلى الجزائر خصيصا لمعالجة بومدين ، وتأكدّ أنّ بومدين ليس مصابا بهذا الداء.. و هناك الكثير من التوجهات تأكد أن الراحل مات مسموما .. وقد مات هواري بومدين في صباح الأربعاء 27 كانون الأول – ديسمبر – 1978 على الساعة الثالثة وثلاثون دقيقة فجر.