الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى قد خص رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بأجمل الصفات وأحسنها وأتمها ظاهراً وباطناً. ومما خصه به من الخلق العظيم: الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم.. وغيرها من كل خلق جميل.
ولا عجب في هذا فهو الذي يقول عن نفسه: إن الله بعثني لأتمم حسن الأخلاق. رواه مالك في الموطأ، ويقول أيضاً: أدبني ربي تأديباً حسنا إذ قال: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين. فلما قبلت ذلك منه قال: وإنك لعلى خلق عظيم. رواه السمعاني.
ولما سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن خلقه قالت فأوجزت وجمعت: كان خلقه القرآن. رواه مسلم.
ومعنى هذا أنه لايوجد خلق حسن يأمر به القرآن ويدعو إليه إلا وهو آخذ به، ولا يوجد فيه خلق سيء نهي عنه إلا وهو متعال عنه صلوات الله وسلامه عليه. هذا بعض ما يتعلق بصفاته الخُلُقية.
أما عن صفاته الخَلْقية فقد روى البخاري عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: سمعت أنس بن مالك يصف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كَانَ رَبْعَةً مِنْ الْقَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلَا سَبْطٍ رَجِلٍ أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَقُبِضَ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ.
وعن أنس رضي الله عنه قال: ما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كف النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شممت ريحا قط أو عرقاً قط أطيب من ريح أو عرق النبي صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
وفي وصف كعب له قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه. رواه البخاري.
وبالجملة لم يذكر خلق محمود إلا وكان للنبي صلى الله عليه وسلم، منه الحظ الأوفر.
والله أعلم.