لا زالت رغم مرور خمسين سنة على استقلال الجزائر بعض الأحداث المرتبطة بالثورة تشكل طابوهات تاريخية لا يُسمح النقاش حولها، لأنه تعد على خطوط حمراء سطرها المؤسسون الأوائل لجبهة التحرير الوطني، في مرحلة تاريخية معينة تميزت بالحذر السياسي لأن الدولة كانت تحت طائلة الاستعمار و قد يكون لهذه الأحداث تأثيرها السلبي على الكفاح الشعبي. لكن اليوم و بعد مرور كل هذا الوقت من حق كل الجزائريين أن تُفتح ملفات تاريخهم أمام أعينهم و أن يكونوا جزءا من هذه النقاشات. أحد أكبر كواليس الثورة إثارة للجدل حادثة ملوزة التي تضل تفاصيلها مجهولة لغاية اليوم. المحور كانت لها هذه الشهادة لشخص عايش الحادثة و ألم بتفاصيلها و تفاصيل تاريخية أخرى زوجة الجنرال محمد بلونيس.
ضل يقول ليس لدي أي حجة لأترك الحركة و ألتحق بالجبهة
الحركة كان لها أتباع يعملون عند فرنسا خدمة لها
طلب بلونيس أن تمنحه فرنسا السلاح و فعلا منحته ذلك
نشأت في أسرة متشبعة بمبادئ الحركة الوطنية هل تلمستي الوطنية في شخصية بلونيس لما ارتبطت به؟
في الواقع كنت آنذاك أتعلم و أُعلِّم تحت إشراف جمعية العلماء المسلمين، تخرجت من المدرسة الحرة في السادسة عشر كمعلمة.و مع هذا كنا نعمل لفائدة الحركة الوطنية ننشط المحاضرات و الحفلات، ليس عملا منضما لكن كنا نقوم بتوعية الناس و جمع الأموال للحركة. بالبداية لم أقبل بالتعليم لصغر سني، لكن المفتي الجزائري محمد العاصمي هو من منحني شهادته لأعلم و قد علمت حتى 1947. أقمنا حفلة نهاية السنة في جوان أين كان محمد بلونيس حاضرا، و كان على علم بالدور الذي كنا نلعبه لصالح الحركة الوطنية، تزوجنا في أوائل شهر أوت 1947. الشهادة لله و ليست للإنسان فإن بلونيس كان إنسانا مخلصا و وطنيا بكل ما للكلمة من معنى، أولا هو فلاح قضى فترة من الخدمة الإجبارية عند الألمان من 1941 إلى 1942، ثم فر باتجاه مرسيليا أين أرسلته فرنسا إلى الجزائر. أدى الخدمة الوطنية من 1943 إلى 1945، اندمج مباشرة في الحركة بعدما كان مشارك فقط، و كان المسؤول عن كامل منطقة القبائل. في 1946 ضيف مصالي و جماعته مدة عشرة أيام كانوا يقيمون اجتماعات و محاضرات لإقناع الناس بالمطالبة بالإستقلال. دخل الحبس في ماي 1945 بقي مدة ستة أشهر لما حلت فترة قتل القياد، و اتهم بقتل القايد الطيب ببرج منايل المقتول على يد المجاهد المعروف الوناس زياني الذي صعد إلى الجبل إثر هذه العملية.
هل كانت الجبهة تنسب إلى جيشها العمليات التي يقوم بها جيش بلونيس؟
فيما بعد لما ظهر الخلاف بين الجبهة و الحركة الجبهة تبنت هذه السياسة عندما تقع عمليات، لأن الجبهة كانت على اتصال بإذاعة صوت العرب بالقاهرة.أذكر لما كنت بديار الشيوخ بالمويلح الجلفة تحديدا سنة 1957 أن أربعين جنديا تلاقوا مع الجيش الفرنسي، أسقطوا فيها ستة عشر جنديا فرنسيا، و يومها أعلنت صوت العرب أن جيش جبهة التحرير الوطني قتل ثلاثين جنديا فرنسيا.
قبل ظهور هذه الخلافات هل كان جيش الحركة و جيش الجبهة يتعاونان فيما بينهما؟
لا أضن مرتين أو ثلاثة دعوا بعضهم للاتفاق، و خُدِع بلونيس مرتين من طرف الجبهة في 1956 بالبويرة، و مرة اقترحوا تبادل عشرة أفراد من كلا الجيشين فيما بينهما حتى يتم التصالح، لكن العشرة الذين التحقوا بالجبهة من الحركة ذبحوا على يد هذه الأخيرة بينما الجبهيين الملتحقين بجيش الحركة لم تتم تصفيتهم رغم علم بلونيس بمقتل جنوده على يد الجبهة. أذكر أنه قال يومها إذا كنتم تعملون من أجل وطنكم بغض النضر عن كل هذه الأشياء…فلن يمسكم شيء و إذا كان غرضكم الخديعة فقد ظلمتم أنفسكم. و هناك من بقي منهم وفيا لجيش بلونيس و هناك من عاد إلى جيش الجبهة دون أن يمسه بسوء. بالعكس لما لم تنجح هذه اللعبة في استفزاز بلونيس لقتل جنود الجبهة وشوا به لفرنسا مثلما حدث مرة بين ذراع الميزان و مشتراس.
الجبهة كانت تشي ببلونيس لفرنسا؟
أجل ، لا أقول الجبهة تحديدا و لكن أناس من الجبهة و يعملون باسمها، ثم إن الجبهة دخلت منطقة القبائل باسم بلونيس، أينما كانوا يذهبون يقولون نحن مبعوثون من قبل سي محمد، و الأهالي كانوا يصدقون أنهم فعلا أنهم يعملون تحت راية بلونيس فيما هم جبهيين.
هل أسس بلونيس جيشا مناوئا لجيش جبهة التحرير؟
لا لم يؤسس أي حزب.
لا ليس حزبا و إنما جيشا لمحاربة جيش جبهة التحرير
لا أبدا أبدا أبدا أسس جيشا محاربا و مناوئا و مضادا للاستعمار الفرنسي.
هناك من يقول أن مصالي تبرأ من بلونيس لاحقا
مصالي الحاج كان مخدوعا، الحقيقة أنه بعد حادثة ملوزة فرنسا طلبت من بلونيس إيقاف الحرب بينهما فقبل بشرط الاعتراف بالشخصية الجزائرية، و كان شرط فرنسا أن لا يأخذ الجيش تموينا بالسلاح من الشعب، فطلب بلونيس أن تمنحه فرنسا السلاح إذن، و فعلا منحته السلاح. و جمع كل الجيش طالبا أن لا تمس رصاصة واحدة جزائريا مهما حدث إلا إذا كان يعمل مع الاستعمار، لكن الجبهة لم تكن كذلك خاصة أنها كانت تضم بعض الحاقدين.
لماذا تمنح فرنسا سلاحا لشخص يحاربها، هل كان هدفها دفع جيشين جزائريان لمحاربة بعضهما؟
هل يعتقد عاقل أن فرنسا كانت تعمل لفائدة بلونيس أو الجبهة، و هل تعتقدين أن فرنسا أحبت بلونيس لله لو لم يكن لها هدف إما تكسبه أو تحطمه، لكنها لم تتمكن من كسبه لأنه كان له موقف منها.
ربما أخطأ لما قبل السلاح من فرنسا؟
لقد كان في حرب و لم يعقد أبدا السلم مع فرنسا لذا قبل بالسلاح، و كان يأمر جنوده دائما بقتل الجنود الفرنسيين.
أكان يقوم بعمليات تستهدف جيش جبهة التحرير؟
لا إلا من اعتدى عليه مرتين قاد اعمر الإدريسي حملة اعتداء عليه في منطقة قعيقع و في دار الشيوخ.
برأيك لماذا كانت الجبهة تحارب جيش بلونيس؟
حتى تبقى الجبهة وحدها و يقال إنها هي من حاربت دون سواها، ربما هي الفكرة الإشتراكية التي زرعتها مصر جمال عبد الناصر.
بعد كل هذا الإنقسام هل ضل كريم بلقاسم صديقا لبلونيس؟
قبل الاستعمار قضى بلقاسم فترة طويلة مختبئا ببيت بلونيس لما فر من بيته هو و العقيد اعمر أوعمران، علي أوعلي، و عمر أوصديق لكن بعدها وقع بينهم الانقطاع.
لكن مع هذا منح بلونيس مبلغا ماليا للجبهة
أجل كانوا يعملون باسم الجبهة و طلبوا من بلونيس مساعدتهم لأن الجيش أفلس و لم يكن قادرا على الاستمرار حينها.
لماذا تركتم فيما بعد منطقة القبائل و اتجهتم نحو الجلفة و المسيلة و بوسعادة؟
بالبداية بقيننا نحن لكن لما تعقدت الأمور تبعته إلى سور الغزلان، المحزم، حاسي بحبح، المسيلة، بوسعادة و أخيرا الجلفة.
يقول بعض المؤرخون أن فرنسا لما اكتشفت البترول بالصحراء الجزائرية فوضعت بلونيس حاجزا لمنع وصول الجبهة إليها؟
فرنسا وقتها و تحديدا في 1947عرضت على بلونيس منحه الصحراء الجزائرية، فرفض أن يأخذ قطعة أرض من الجزائر مقابل بيع الجزائريين لفرنسا لأنه كان مقتنعا بفكرة تحرير الجزائر من أقصاها إلى أقصاها. و هو أول من وضع هذه الشروط و اقترح الانتخاب بعد الحصول على الاستقلال، كان يقول أنه بعد نهاية الحرب سيضع سلاحه و إذا اختار الشعب أن يحكمه راع من الرعاة فله كامل حرية الاختيار. في 1948 أعادت فرنسا اقتراحها بأن تمنحه ثروة و إقامة في أي دولة يرغب فيها مقابل تركه الجزائر لكنه رفض.
هذا يعني أن بلونيس وضع نفس شروط مفاوضات إيفيان سنوات من قبل؟
نعم اتهموا بلونيس بالخيانة لأنه قبل التفاوض مع فرنسا لكنهم فاوضوها و بنفس الشروط من بعد و لا أحد اتهمهم بالخيانة. و مع هذا فإن المؤرخين الفرنسيين لا يعتبرونه كذلك، بل وصفوه بالفلاح الذي تلاعب بفرنسا كيفما شاء دون أن تدرك ذلك أو تتمكن من هزمه.
لا يُذكر بلونيس إلا و ذكِرت ملوزة و العكس ماذا حدث ليلة
أقمت حوالي شهر بقصبة مشتة ثم غادرت إلى البرادة ببوسعادة حوالي 1956، و قد عقد بلونيس وقتها اتفاقا مع شخص يعمل بالإدارة الفرنسية ليجلب له السلاح فأوصله لمرتزق إيطالي يمكنه أن يبيعه السلاح، و اتفقوا آنذاك على شراء ما قيمته ثمانية عشر مليون سنتيم أي أن العملية كبيرة. حددوا الموعد و كان ليلة حادثة ملوزة ببني يلمان كان ليلتها بلونيس مجتمعا مع أربعة من رجاله في بيت أحد شيوخ بني يلمان، أين استنجد بهم أحد الفارين و أخبرهم أن جيش الجبهة جمع كل السكان مدعيا أن بلونيس طلبهم للاجتماع داخل الغار الموجود بجبل خراط، و كان يومها مثلما أذكر شيخ في الخامسة و الثمانين و طفل في الثالثة عشر من بين القتلى. إذن جمعوا كل الأهالي و ذبحوا 335 رجلا بالمناجلن بالبداية بلونيس لم يصدق الأمر فبعث عبد القادر الوهراني و سي محفوظ للتأكد من الخبر فرجعوا و أخبروه أن الدم شق الجبل. ذهب بلونيس بنفسه و أمر بدفن الضحايا، من هنا قبل بلونيس التفاوض مع فرنسا لكن كما أخبرتك سابقا بشرط الاستقلال التام للجزائر، فحادثة ملوزة التي راح ضحاياها موطنون أبرياء على يد جبهة التحرير الوطني لم تغير من موقف زوجي اتجاه الاستعمار.
هناك مقطع فيديو يظهر بلونيس مع جنوده و هم يرفعون الراية الفرنسية
هذا حدث في ديار الشيوخ و التقطت من طرف مصوري مجلة الماتش الفرنسية، على ما أذكر كان الجنود يرفعون الراية الجزائرية فطلب الجنود الفرنسيون رفع العلم الفرنسي إلى جانب الجزائري. المصورون التقطوا قصدا العلم الفرنسي و جنود بلونيس و لم يلتقطوا العلم الجزائري، فالحادثة كانت عمدا من فرنسا و غلطة من بلونيس.
لكن كيف قبلوا برفع العلمين جنبا لجنب؟
كان قصد الجنود أن العلم الجزائري سيرفع فوق العلم الفرنسي أي أن الجزائر ستنتصر على فرنسا.
لماذا يتهم بلونيس بالخيانة إذا قدم كل هذه التضحيات للوطن؟
لأنه لم يخضع أو لم ينضم للجبهة، و ليس الوحيد المتهم بالخيانة لكن الفرق بينه و بين الآخرين أنه كان يملك سلاحا و جيشا حارب به فرنسا و لم يحاربهم، على العكس هم من كانوا يقتلون مناضلين من الحركة الوطنية. أذكر مرة أرسل بلونيس مبعوثا للجبهة فقاموا بذبحه فمن الحاقد إذن؟
لو التحق بلونيس بالجبهة ماذا كان ليحدث؟
لو التحق بالجبهة لوضع بلونيس فوق الرؤوس، نحن نتكلم عن الجبهة كحزب لكن الشخصيات في الجبهة تختلف أنا لما رجعت للعاصمة في 1958 و كنت حاملا حينها، من قام بحمايتي من الجبهة هو كبير الجبهيين محمد بالهوان لأنه يعلم حقيقتنا و حقيقة بلونيس.
هل صحيح أن بلونيس قتل على يد حارسه الخاص؟
الله أعلم ليلة مقتله اجتمع بجنوده في منطقة أولاد عامر و بعدها بيوم وجدوا أن حارسا من الحراس مفقود لذا هناك شكوك أنه هو من قتله، ما أعرفه أن زوجي قاتل حتى اللحظة الأخيرة فقد أحضروا لي الذخيرة التي أطلقها بسلاحه. ليلة مقتله كان قد أمر أحد ضباطه أن يأخذ أربعمائة جندي للهجوم على ثكنة سيدي عيسى لكن بعد سماع خبر وفاته أوقفوا العملية.
بعد رد الاعتبار لمصالي هل تنتظرون أن يتم ذلك مع بلونيس؟
كنت حاضرة في ملتقى تلمسان حول مصالي الحاج، أين تحدثوا عن مصالي من 1936 إلى 1954 و قد ألغي تاريخ مصالي بعد هذا التاريخ نضرا للحساسية التي مازال يشكلها الموضوع لا أدري لماذا. هناك إدعاء أن بلونيس خرج عن طاعة مصالي و باع نفسه لفرنسا كلام من هذا القبيل و كل هذا ترهات، مصالي كان مخدوعا من طرف بعض رجال حزبه كانوا يخفون عليه أشياء كثيرة. و الحركة في نفسها كانت تضم مخادعين لمصالي، لقد زرته بعد الاستقلال و أخبرني أن هذا الكلام لا معنى له.
يعني أن ثقته لم تتزعزع ببلونيس؟
أجل لأنه منذ عرفه عرفه واضحا و لا يملك ما يخفيه، مصالي بعد الاستقلال هو من ساعدني على مغادرة فرنسا باتجاه بلجيكا خوفا علينا من الأوضاع التي كانت تعيشها أسر المناضلين بفرنسا وقتها.
ألا ترين أن جزائر الاستقلال ظلمت تاريخ بلونيس؟
برأيي ظلمته لأنه كان متسامحا مع الجبهيين رغم أنهم قتلوا مناضلي الحركة الوطنية، كل هذا لأنه يملك جيشا باسم الحركة ولم يغير موقفه. سي الحواس عشرة أيام قبل التحاقه بالجبهة كان يقول لو شققتم قلبي لوجدتم مصالي فيه، أعمر إدريس أيضا. لكن بلونيس كان ديمقراطيا ماذا لو عمل لصالح الوطن و ضل وفيا لحزبه، ثم إن جبهة التحرير الوطني ليست من المقدسات حتى يقصى كل من لم ينتمي إليها و الجبهة ليست كل الشعب الجزائري. لكن كنا في فترة الحزب الواحد الذي لا يفهم معنى الديمقراطية أتعلمين أن مصطفى بن محمد رئيس المجلس الشعبي الوطني في فترة من الفترات لا أذكرها كان يعمل مع بلونيس حتى وفاته. لكن المهم أننا نلنا استقلالنا بلونيس كان يتمنى أن يستشهد قبل الاستقلال لأنه لم يكن له أي غرض أو منفعة حزبية. لكن ما نتمناه نحن اليوم هو رد الاعتبار ليس فقط لبلونيس بل لمئات الأشخاص الذين عملوا لمصلحة هذا البلد، صحيح أن في مؤتمر تلمسان كان الخطاب الرسمي حول مصالي الحاج لكن الكواليس حول محمد بلونيس فلولاه لماتت الحركة في 1955. و على عكس الحركة التي كان يقودها جزائريون فإن الجبهة كانت تسير من الخارج.
ألم يفكر بلونيس إلى غاية هنا في تأسيس جيشه؟
لا الحركة انقسمت في 1943 و بدأ التمييز بين العرب و القبائل ثم تأسست المنضمة السرية، و كان هناك مناضل اسمه عسلة حسين هو من خلق فكرة الانقسام و الخطاب العنصري الذي زرعتها فرنسا تحت سياسة فرق تسد.
ربما ليست فرنسا وحدها من زرع الانقسام لأن كل منطقة القبائل كانت موالية لمصالي؟
الجزائر بأسرها كانت تتبع الحركة الوطنية التي يترأسها مصالي الحاج لأن الناس كانوا متعطشين للحرية، فلما قال مصالي كلمة الحق و أنه لابد من النضال حتى الحصول على الحرية، الكل قال نعم لمصالي. الحركة كانت تضم علماء و مثقفين فبدأت الأفكار السياسية و الأحزاب التي تأسست فيما بعد بالظهور من صلب الحركة الوطنية، لكن ظهر معها الانقسام بين الحركة الوطنية و مؤسسي الجبهة الوطنية، و من لم يتخلى عن المبدأ أصبح خائنا و للأسف الشعب غير واع.
هل كان لانقسام الحركة تأثيرعلى بلونيس أو على مبادئه؟
كان محايدا في هذه الفترة بعد خروجه من السجن في 13 فيفري 1952، و أول شيء قام به بعد مغادرة السجن كان زيارة مصالي ببيته في ببوزريعة.
ألم يطلب منه مصالي العودة لصفوف الحركة؟
لا أضن لأنها زيارة مجاملة و صداقة فقط. لكن تم استدعائه لما عقد مؤتمر بلجيكا في 1953 ورفض الحضور.
و لماذا رفض؟
لأنه كان لا يزال على فكرة الحياد.
ما الذي جعله فيما بعد يتخلى عن حياده؟
لما اندلعت الثورة لم يكن عنده أي شنآن مع الجبهيين بالعكس كانوا أصدقاء مقربين منه كبوضياف كريم بلقاسم.
هل كان على علم بالثورة قبل اندلاعها؟
لم يكن له علم أو كان يعلم و لم يخبرني …الله أعلم، لما اندلعت الثورة جاء الوناس العمروني اعمر خطاب كانا تحت إشراف بلونيس ثلاثة أيام بعد الفاتح نوفمبر 1954 و طلبوا منه الالتحاق بالجبهة. لا يمكنني إخبارك برده لأني لا أعلمه، بعدها في جانفيي 1955 فرنسا نفته من برج منايل مع كل من أحمد عكروم محمد بوديس و بوعلام غانم المدعو محمود.
لماذا قامت بنفيهم؟
لأنهم أناس معروفون بوطنيتهم.
لكن الثلاثة الاخرون كانوا في الجبهة ماعدا بلونيس؟
أجل لكن بلونيس الوحيد من بينهم الذي كان معروفا بوطنيته. لما نفتهم محمد بوديس و أحمد عكروم تركوا الوطن باتجاه فرنسا، أما بوعلام محمود و محمد بلونيس التحقوا بالجبل الأول مع الجبهة و الثاني مع الحركة. أسبوعان من بعد رجع إليه الثلاثة نفسهم مع سي الحسين مقري، و أذكر جيدا أنه منحهم مبلغ 000 2 دينارا هدية للجيش. لكنه ضل يقول ليس لدي أي حجة لأترك الحركة و ألتحق بالجبهة فكلنا نعمل لصالح الوطن، و للعلم كان أول بيت ببرج منايل قام الاستعمار بتخريبه غداة اندلاع الثورة هو بيتنا، لكن بلونيس لم يهرب و لم نترك برج منايل حتى ماي 1955. لما التقى الوناس العمروني و قرر البقاء مع الحركة، و كان سعيد ميلزي مسؤولا في الحركة بالجبل لكنه لم يكن عليما بشؤون الجبل لأنه من الجزائر العاصمة، فتم اختيار بلونيس قائدا لتكوين الجيش بالبويرة.
هل اختاره مصالي لذلك؟
لا يمكنني الجزم أن مصالي هو من قرر ذلك لأنه كان في السجن.
من كان يمول الجيش؟
الشعب فالحركة وقتها كانت ضعيفة.
يقال أن الأسلحة التي كان يستخدمها جيش بلونيس فرنسية الصنع فيما أسلحة جيش الجبهة ألمانية أو روسية الصنع
كيف؟
هل فرنسا كانت تمد بلونيس بالسلاح؟
غير صحيح الشعب هو الوحيد الذي كان يمول الجيش، ثم في 1945 و قبل أن يكون هناك أي حديث عن الثورة كان بلونيس يملك ذخيرة من السلاح ببيته ببرج منايل، مازال المكان الذي خبأت فيه شاهدا ليومنا هذا.
من أين كانت له هذه الذخيرة؟
مصدرها الشعب و فرنسا لأن الحركة كان لها أتباع يعملون عند فرنسا خدمة للحركة، و قد سرقوا الأسلحة الفرنسية و قاموا بإخفائها.
أيعني هذا أن بلونيس كان واعيا بضرورة النضال المسلح قبل تأسيس الجبهة؟
حينها كان بوده تكوين الجيش و قد غذّت الفكرة مظاهرات 08 ماي 1945 لما قابلت فرنسا الشعب الأعزل بالسلاح، حينها بدأت الحركة بإعطاء الأوامر بجمع السلاح.
هل التحقتي ببلونيس بالبويرة بعدما أسس الجيش؟
لا كنت أزوره فقط لإيصال رسائل من أعضاء و مسؤولي الحركة الآخرين.
هل قام جيش بلونيس بعمليات ضد الإستعمار؟
أول معركة كانت في جانفيي1955 في منطقة جرجرة أسقط فيها طائرة حربية و أصيب هو فيها.
منقول