لم تتوقف المساعدات الشعبية الجزائرية نحو قطاع غزة طيلة السنوات الأخيرة، حيث أرسلت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ثلاث قوافل وبنَت مستشفى في قطاع غزة.
وتواجه هذه القوافل صعوبات ومماطلة من الجانب المصري حيث تستغرق الإجراءات والاتصالات أسابيع عديدة قبل أن يُسمح لها بالدخول.
لكن ما حصل مع قافلة الرابعة كان مفاجئا، حيث رفضت مصر دخولها بحجة أنها ضمت مواد لم يتم الاتفاق بشأنها، في حين تنفي جمعية العلماء ذلك، وتؤكد أن كل محتويات القافلة مدرجة بلائحة سلمت للجانب المصري قبل خروج الشحنة من الجزائر.
وأوضح رئيس لجنة الإغاثة بالجمعية الجزائرية عبد القادر طالبي أن القافلة تحمل 14حاوية بقيمة خمسة ملايين دولار، وتضم أدوية وتجهيزات متطورة جدا موجهة لمرضى السرطان في مستشفى الجزائر بقطاع غزة والذي تم افتتاحه رسميا عام 2010.
وقال طالبي للجزيرة نت إنه قبل تجهيز القافلة وانطلاقها، نسقت الجمعية مع سفارة مصر بالجزائر حيث سلمتها قائمة مفصلة، ولاحقا جاءت الموافقة من الخارجية المصرية ثم من السلطات الجزائرية لتسيير القافلة نحو بورسعيد بمصر.
وأضاف أن القافلة حظيت في بورسعيد باهتمام رسمي مصري من خلال وجود مندوب عن الجمارك المصرية وآخر عن الهلال الأحمر الفلسطيني، وانتقلت نحو معبر رفح تحت حماية الأمن المصري، حيث وصلت ليلا.
وتابع طالبي أن مسيري القافلة فوجئوا في الصباح التالي بأن مصر سمحت بدخول الأدوية دون التجهيزات الطبية الأخرى، وقال إنهم رفضوا هذا الموقف، وطلبوا عودة القافلة إلى بورسعيد على أساس أن رفح منطقة غير آمنة. وتوجد الشاحنات حاليا خارج ميناء بورسعيد ما يجعلها تواجه الخطر، ويعرض المساعدات للتلف بفعل الحرارة العالية.
ويأمل أن تراجع الحكومة المصرية موقفها "لأن الأمر يتعلق بعمل إنساني بحت لا علاقة له بالسياسة" كما أن جمعية العلماء الجزائرية سبق وأرسلت ثلاث قوافل منذ عهد الرئيس السابق حسني مبارك، كما يأمل تدخل السلطات الجزائرية، مشيرا إلى أن الجمعية خاطبتها بهذا الشأن.
من جهتها، نفت سفارة مصر بالجزائر في بيان لها منع القافلة، وقالت إنها صادقت على بيان بمحتويات الشحنة "إلا أنه عند وصولها إلى رفح تبين احتواؤها على بنود غير مصرح بها".
وقال البيان إنه جارٍ حاليا السماح بدخول بنود محددة ضمن حمولة القافلة دون الإخلال بما تم الاتفاق عليه مسبقا بالنسبة للشحنة، وبما لا يمس بمقتضيات الأمن القومي المصري.
ويشير عدة فلاحي المستشار السابق بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية إلى إنها ليست المرة الأولى التي تقدم فيها الجزائر المساعدة للأشقاء بغزة.
وقال للجزيرة نت إن الحصار الذي تعاني منه غزة من قبل السلطة الفلسطينية ومصر في عهد عبد الفتاح السيسي هو ما حرك جمعية العلماء بإشراف وتسهيل من الدولة الجزائرية لتنظيم القافلة.
ويصف عرقلة القافلة بأنه استفزاز للحكومة الجزائرية، وتساءل إن كانت الدبلوماسية الجزائرية سترمي بثقلها حتى لا تفشل هذه المبادرة الأخوية، وحتى لا تبقى مقولة "الجزائر مع فلسطين ظالمة ومظلومة" مجرد شعار.
من جانبه، يعتقد محمد دخوش رئيس تحرير بقناة الشروق الجزائرية أن موقف القاهرة يتسق مع الأسس التي قام عليها النظام الحالي، وفي مقدمتها القضاء على جماعة الإخوان المسلمين وتأثيرها في المنطقة.
وقال للجزيرة نت إن قرار المنع يرتبط بالتنسيق الأمني عالي المستوى بين القاهرة وتل أبيب وعديد العواصم العربية والغربية في تشديد الخناق على غزة بغية القضاء على حركة حماس. وتوقع أن تضغط حكومته على القاهرة للسماح بعبور القافلة إلى غزة.
أما عبد السلام عليلي رئيس المكتب الإقليمي للمنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان فاستنكر المنع واصفا إياه بالمحزن، وقال للجزيرة نت إنه لا يعكس الروح الإيجابية بين الجزائر ومصر.