الحديث السادس والعشرون
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( كل سلامى من الناس عليه صدقه ، كل يوم تطلع فيه الشمس : تعدل بين اثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ، وتميط الأذى عن الطريق صدقة )) .
المفردات :
سلامى : بضم السين المهملة وتخفيف اللام مع القصر ، وهي المفاصل . وقد ثبت في صحيح مسلم أنها ثلاثمائة
وستون .
عليه : تذكير الضمير مع عوده إلى المؤنث باعتبار المعنى وهو المفصل .
صدقة : في مقابلة ما أنعم الله به عليه في تلك السلاميات ، إذ لو شاء لسلبها القدرة وهو في ذلك عادل . فإبقاؤها يوجب دوام الشكر بالتصدق ، إذ لو فقد له عظم واحد ، أو يبس ، أو لم ينبسط أو ينقبض لاختلت حياته ، وعظم بلاؤه ،والصدقة تدفع البلاء .
تطلع فيه الشمس : إتى بهذا القيد لئلا يتوهم أن المراد باليوم هنا المدة الطويلة ، كما يقال : يوم صفين . وهو أيام كثيرة . أو مطلق الوقت كما في آية : (( يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم )) .
تعدل بين اثنين : متحاكمين ، أومتخاصمين ، أو متهاجرين .
صدقة : عليهما لوقايتهما مما يتسبب على الخصام من قبيح الأقوال والأفعال .
فتحمله عليها : كما هو أو تعينه على الركوب .
والكلمة الطيبة: وهي الذكر والدعاء للنفس والغير ، ومخاطبة الناس بما فيه السرور ،و اجتماع في القلوب و تألفها .
خطوة : بفتح الخاء :المرة الواحدة ، وبضمها : ما بين القدمين .
تميط : بضم أوله _ تنحى .
الأذى : ما يؤذي المارة : من قذر و نجس وحجر وشوك ، ونحو ذلك .
يستفاد منه :
1-أن تركيب عظام الآدمي وسلامتها من أعظم نعم الله تعالى عليه ، فيحتاج كل عظم منها إلى تصدق عنه بخصوصه ليتم شكر تلك النعمة .
2-المداومة على النوافل كل يوم ، وأن العبادة إذا وقعت في يوم لا يعني عن يوم آخر ، فلا يقول القائل مثلا : قد فعلت أمس فأجزأ عني اليوم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( كل يوم تطلع فيه الشمس )).
3-أن الصدقة لا تنحصر في المال .
4-فضل الإصلاح بين الناس .
5-الحث على حضور الجماعات والمشي إليها ، وعمارة المساجد بذلك ، إذ لو لى في بيته فإنه الأجر المذكور في الحديث .
6-الترغيب في إماطة الأذى ، وفي معنا ه : توسيع الطرق التي تضيق على المارة ، وإقامة من يبيع ويشتري في وسط الطرق العامة .
7-أن قليل الخير يحصل به كثير الأجر بفضل الله تعالى.